شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
148207 مشاهدة
التمتع

فالتمتع هو: إن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ويفرغ منها، ثم يحرم بالحج من عامه، وعليه دم أن لم يكن من حاضري المسجد الحرام.



أولا: التمتع:
قوله: (فالتمتع هو: إن يحرم بالعمرة في أشهر الحج... إلخ):
صفة التمتع إن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ويفرغ منها، ثم يحرم بالحج من عامه، وعليه دم أن لم يكن من حاضري المسجد الحرام، هذه صفة التمتع، فلا بد من شروط:
الشرط الأول : أن تكون عمرته في أشهر الحج: وهي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، فإن كانت عمرته في رمضان فلا يسمى متمتعا.
الشرط الثاني : أن يحج في ذلك العام: فلو اعتمر- مثلا- في ذي القعدة أو في أول ذي الحجة، ولكنه لم يتيسر له الحج أو مسعه مانع فلا دم عليه، ولا يسمى متمتعا.
الشرط الثالث : ألا يسافر بين العمرة والحج مسافة طويلة: أي: سفر قصر، فلو أنه اعتمر في شهر ذي القعدة ثم رجع إلى أهله في الرياض- مثلا- أو إلى إحدى القرى البعيدة، ثم رجع إلى مكة قرب الحج وأحرم بالحج؛ فلا يسمى متمتعا.
الشرط الرابع : ألا يكون من أهل مكة: ولو اعتمر في أشهر الحج؛ لقوله تعالى: ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة: 196] .
هذه هي شروط وجوب الدم، فإذا تمت الشروط فهو متمتع وعليه دم.
وإذا قلت: لماذا سمي متمتعا ؟
نقول: التمتع في اللغة : هو الانتفاع، فسمي متمتعا؛ لأنه انتفع، أما سبب انتفاعه فهو حصوله على نسكين في سفر واحد، حيث سقط عنه أحد السفرين، فالأصل أن يسافر للعمرة سفرا مستقلا، ثم يسافر للحج سفرا مستقلا، فإذا جمع بينهما في سفر، فقد سقط عنه أحد السفرين، وحيث أنه حصل له في سفر واحد الحج والعمرة جميعا، وأراح نفسه من التكلف ومن المشقة ومن النفقة الأخرى وما أشبه ذلك، كان من تكملة ذلك أن يذبح ذلك الهدي، فيذبحه تكملة لنسكه.
فلأجل ذلك إذا سافر للحج سفرا، وللعمرة سفرا؛ ولو في أشهر الحج، لم يحصل له الانتفاع الذي هو التمتع، فحسقط عنه الدم، ويكون أجره أعظم؛ وذلك لأن الأجر على قدر التعب والمشقة والمؤونة.
كثير من الناس يختار التمتع، فيختار هذه الصفة، مع أن السفر مرتين: مرة للحج ومرة للعمرة أفضل، ولكن لما سمع أن أفضل الأنساك التمتع ظن أنه أفضل مطلقا.